على مدى خمسة عشر عاما، بقيت فيها ثورة يوليو متماسكة وقوية (1952 – 1967)، مرت علاقة الثورة والثوار وعلى رأسهم جمال عبد الناصر بالولايات المتحدة الامريكية بمنحنيات شديدة التعقيد صعودا وهبوطا، بدأت بدعم البيت الابيض للثورة، وانتهت بانحياز امريكى شامل لاسرائيل ضد العرب جميعا ومصر بالتحديد وعلى رأسها ناصر، فكيف تحولت امريكا من دولة لا تورد اسلحة الى اسرائيل حتى بداية الستينات، الى اكبر مورد للاسلحة الى تل ابيب، وحامى حماها فى الارض والجو ودرعها القوى داخل الامم المتحدة.
البداية المشجعة للعلاقات الامريكية بالثورة تمثلت فى ابداء حسن النية من الطرفين تجاه الاخر، فجمال عبد الناصر حاول من جانبه اقامة صداقة مع الامريكان عقب قيام الثورة مباشرة، وقام بابلاغ الموقف للسفارة الامريكية التى كان لها صلة ما بضباط الاحرار قبل الثورة، وارسل على صبرى قائد الاسراب للسفارة الامريكية لطمأنتهم على ارواحهم ومصالحهم، تحييد الجانب الامريكى حتى لا يكون عائق فى وجههم، فى المقابل لم يقف الرئيس الامريكى "ترومان" موقفا حياديا من الثورة فقط،بل ساندها، معلنا ان امريكا لن تؤيد تدخلا اجنبيا فى مصر لانقاذ الملكية.
ومع هذه النوايا الطيبة والبدايات المبشرة ترى ما الذى وصل بالعلاقة بين الطرفين الى حد الازمة، او لو شأنا الحديث بشكل اكثر دقة ما هى الخطايا العشر التى ارتكبها الجانبين، الى ان اصبحت امريكا هى العدو الاكبر لمصر بعد اسرائيل، واصبح الخلاص من جمال عبد الناصر هو الهاجس الاول لكل من سكن البيت الابيض.